YSRN

التطورات

في عام 2023 اندلعت الحرب في 15 إبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ففقد السودان كل المنح المقدمة إليه، وأصبحت معظم الأسر في السودان ليس لها مصادر دخل، وتضاعفت الآثار المدمرة للحرب على سوق العمل والتجارة والزراعة والصناعة1.

من حيث تكلفة الحرب على الاقتصاد السوداني، قدَّر الخبراء الاقتصاديون التكاليف الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة في الاقتصاد السوداني بأكثر من 100 مليار دولار، إذ توقف 70% من النشاط الاقتصادي في السودان. وتُقدر تكلفة المعارك بنحو نصف مليار دولار يوميًّا، اعتمادًا على حجم الخسائر ومعوقات النمو الاقتصادي وتعطيل الخدمات والمرافق الحيوية بالبلاد2.

وبالإضافة إلى انخفاض معدل النمو انخفض معدل النمو الاقتصادي إلى 18.3% وفقًا لتوقعات البنك الدولي لعام 2023. كما بلغت خسارة الناتج المحلي الإجمالي السوداني بنسبة 151.1٪، ومن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى 43.91 مليار دولار في عام 2023. ووفقًا لـ”فيتش سوليوشنز”، فمن المتوقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.1٪ في العام نفسه، بدلًا من توقعاتها السابقة بنمو بنسبة 2.5٪. وتشير “فيتش” إلى أن ارتفاع مستوى عدم الاستقرار في المدن الرئيسية سيؤدي إلى تعطيل النشاط الاستهلاكي وإغلاق الشركات. من جهة أخرى، توقع صندوق النقد الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 18٪ في عام 2023، ما يدعم فكرة حدوث ركود كبير في السودان3.

نتج من الحرب في السودان خسارة الجنيه السوداني أكثر من 50% من قيمته منذ إبريل الماضي، حيث يتم تداول الدولار بأكثر من 1000 جنيه سوداني بعد الحرب، بالمُقارنة بـ600 جنيه قبل الحرب، وتشهد سوق الصرف الموازية تقلبات كبيرة في أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، بسبب زيادة الطلب على النقد الأجنبي لتغطية احتياجات المستوردين والمواطنين من المواد الأساسية والطاقة، وانخفاض مستوى الإنتاج المحلي والصادرات، بسبب نقص مخزونها من النقد الأجنبي وتراجع إيرادات التصدير والتحويلات. كما تتأثر عمليات المصارف بالظروف الأمنية المتدهورة في بعض المناطق، حيث تعرضت بعض فروعها للسرقة والنهب خلال فترة الاضطرابات4.

سجلت معدلات التضخم في السودان أعلى مستوياتها، إذ إنها تخطت حاجز الثلاث مئة في المئة عام 2021، حيث سجلت 359.09% ولكن بدأ المعدل في الانخفاض خلال عام 2022، إذ بلغ 138.81%، ومع اندلاع الحرب في السودان، ارتفع معدل التضخم مجددًا بحسب بيانات صندوق النقد الدولي إلى 256.17%، وهو ما يعني ارتفاعه بنسبة 117.4%، وإلى الآن لم تتمكن الحكومة من الإعلان عن مستوى التضخم، مع توقعات بأن يسجل ارتفاعًا كبيرًا في ظل الزيادة الكبيرة في الأسعار5.

تراجعت حركة الصادرات بنحو 60 في المئة بفعل إغلاق المطار الرئيسي بالبلاد، وتوقف العمل بمعظم الموانئ الجافة، بالإضافة إلى اضطرابات سلاسل التوريد الناتجة من الحرب ما أدى إلى تراجع عائدات الصادرات من العملات الصعبة، وتراجع إنتاج السودان من الذهب من 18 طنًّا إلى طنين فقط خلال أشهر الحرب، وفقدت الخزينة السودانية عائدات صادرات الذهب التي تعادل 50% من الصادرات بقيمة ملياري دولار، ويشكل الذهب أهم موارد السودان من العملة الصعبة بعد خروج 75% من موارد النفط بعد انفصال جنوب السودان عن السودان الأم، وهو الأمر الذي جعل مؤسسة “فيتش سوليوشنز” تتوقع انخفاضًا في الصادرات بنسبة 4.4% في عام 2023 وانخفاضًا في الواردات بنسبة 4.2%6.

يُعتبر القطاع الزراعي أهم القطاعات الاقتصادية في السودان، ويعتمد عليه نحو 80 في المئة من السودانيين، إذ يُمثل 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تسببت الحرب في تدهور القطاع الزراعي بشكل كبير، حيث انخفضت المساحة المزروعة في البلاد بنسبة 60% عن السنوات السابقة بسبب عدم قدرة البنك الزراعي على تمويل المزارعين، لعدم توافر السيولة الكافية التي تُعاني منها البنوك المختلفة، بالإضافة إلى انخفاض اليوريا في البلاد عن الكمية التي يطلبها المزارعون، فضلًا عن تقليص المساحات وعجز المزارعين عن ممارسة النشاط، ما يزيد المخاوف من فشل الموسم وتأمين الأمن الغذائي واتساع فجوة الجوع، كما فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شركة “زادنا” العالمية، أكبر شركة زراعية وطنية تساهم في تحقيق الأمن الغذائي ومن هنا انخفض الإنتاج الزراعي بشكل كبير.

تعرض 100 فرع من أفرع البنوك السودانية للنهب والسرقة والتدمير نتيجة الحرب في السودان، وبلغت نسبة الأموال المنهوبة أكثر من 38% في مصارف الخرطوم وحدها. ولم يسلم البنك المركزي السوداني من هذه العمليات التخريبية، وهو ما جعله يُعاني من نقص شديد في السيولة، فكثير من البنوك بدأت تُعاني من مشكلة إدارة ديونها، بعدما تعرضت الشركات الكبرى التي اقترضت منها مبالغ كبيرة للتدمير والنهب، وهو ما جعل البنوك السودانية تواجه مشكلة في تحصيل هذه الديون، الأمر الذي يتسبب في وقوف القطاع المصرفي السوداني على حافة الانهيار7.

1 https://tinyurl.com/2xw6ruqf مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. اللاجئون في دول جوار السودان. 6 يونيو 2024.

2 https://ecss.com.eg/43540/ آية حمدي، المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، تفاقم المشكلات: التداعيات الاقتصادية للتوترات في السودان، 2024.

3 المرجع السابق.

4 المرجع السابق.

5 المرجع السابق.

6 المرجع السابق.

7 المرجع السابق.

YSRN

النوع الاجتماعي

في 2023 منذ بداية الحرب في السودان فقدت النساء والفتيات الأعمال الهامشية التي كنَّ يعملن فيها وأصبحن نازحات ولاجئات في المعسكرات بلا عمل. كما اضطررن إلى العمل في مهن غير دائمة خصوصًا الفئات الدنيا كموظفات في دواوين الدولة1.

صدرت إحصاءات أسبوعية، بنزوح 9.9 مليون داخليًّا في جميع ولايات السودان البالغ عددها 18 ولاية في الأسبوع المنتهي 6 يونيو 2024، مقابل 2.8 مليون قبل حرب نيسان/ إبريل 2023، بفارق7.1 مليون منذ ذلك الحين، ويجدر الذكر بأن أكثر من نصف جميع النازحين داخليًّا هم من النساء، وأكثر من ربعهم من الأطفال دون سن الخامسة2.

1 https://alsudantoday.com/ الراكوبة نيوز، ملايين السودانيين فقدوا وظائفهم بسبب الحرب في البلاد، التطورات الاقتصادية، 2024،

2 https://mena.iom.int وكالة الأمم المتحدة للهجرة، عدد النازحين الداخليين في السودان في طريقه ليصبح أكثر من 10 ملايين والمجاعة تقترب،2024.

YSRN

الشباب

في عام 2023 بعد اندلاع الحرب توقفت الحركة الاقتصادية فنزح عدد كبير من الشباب، ومنهم من أصبح من أطراف النزاع، ومنهم من البعض الآخر أصبحوا لاجئين في دول الجوار بلا عمل.

تأثرت معدلات البطالة بشكل كبير، حيث ارتفع معدل البطالة في السودان من 32.14% في عام 2022 إلى 47.2% عام 2024، وفقًا لإحصاءات صندوق النقد الدولي. وبحسب دراسة لمعهد سياسات الأغذية الأمريكي، توقعت خسارة 5 ملايين وظيفة في السودان بسبب الحرب، ما يعني أن نصف القوة العاملة في البلاد تقريبًا فقدت وظائفها في مجالات عدة، ويرجع هذا الأمر إلى الحالات المتعددة من إغلاق الشركات والمصانع، بسبب تعرضها للنهب والتدمير، والتي نتج منها تسريح عدد كبير من العمالة. كما اتجهت عديد من المؤسسات إلى تسريح الموظفين والعمال بشكل نهائي ومن دون تحمل عبء الحقوق المالية، بينما منحت أخرى موظفيها إجازة مفتوحة من دون رواتب، ونتج من هذا الوضع فقدان نحو 100 ألف وظيفة من بينها فئات عمالية1.

1 https://ecss.com.eg/43540/ آية حمدي، المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، تفاقم المشكلات: التداعيات الاقتصادية للتوترات في السودان، 2024م

YSRN

البيئية

بعد حرب 15 إبريل التي دارات في معظم ولايات السودان فُرض علي المواطنين النزوح الي ولايات ومحليات أكثر أمانًا، ولم يكن أمام النازحين غير قطع الأشجار وتحويلها الي فحم للطبخ، ففقد السودان خلال 16 شهرًا من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات “الدعم السريع” مساحات شاسعة من الغابات البكر في ظل دمار كبير لحق بالأشجار في العاصمة الخرطوم ومدن عدة في ولايات أخرى جراء ظاهرة القطع العشوائي التي تفاقمت بسبب تطاول أمد الصراع المسلح، فضلًا عن أزمة غاز الطهي بعد انعدامه في محال التوزيع وتوقف مصفاة النفط الرئيسة بمنطقة الجيلي شمال مدينة بحري عن العمل، إذ تغطي 50 في المئة من إنتاج الغاز للاستهلاك المحلي، وبالاضافة إلى المعاناة التي طالت السكان من دون استثناء ودفعت كثيرًا من المواطنين إلى العودة للاحتطاب البدائي وأجبرتهم على قطع أشجار الغابات بأقاليم السودان المختلفة من دون تفرقة بين يابسها أو أخضرها لاستخدامها كوقود للطهي وإعداد الوجبات، علاوة على جمع الأخشاب وبيعها في الأسواق وكذلك أدى رواج تجارة الفحم النباتي المربحة إلى دفع التجار إلى زيادة وتيرة إنتاجه بصورة شكلت خطرًا على الغطاء الشجري، إلى جانب ارتفاع منسوب خطر مضاعفاتها البيئية1.

1 https://almashhadalsudani.com / عثمان الأسباط، المشهد السوداني، زحف صحراوي خطير.. الحرب تجرد السودان من الغطاء النباتي، التطورات الاقتصادية 2024.